كيف للمرء إحساناً في سيره إن لم يحسن التوقف والتفتيش في بضاعته، فلعلها تكون مزجاة.. يسير أحدنا في طريقه إلى الله وقلبه معتمدٌ على ما منّ الله عليه به من علم أو عمل وفقّه الله إليه، فيركن إلى ذلك العلم أوّ ذلك الحال، فيسرُّه ما يرى .. ويستعظِم نفسه التي بين جنبيه، ويظنُّ أنَّه قد حازَ قصبَ السبقِ وكان في السابقين فبزَّ أقرانهُ .. ويُعاود النظر في تلك البضاعة والتي لا يعلم حقيقتها إلا الله فينظر إليها بعين العجب والفرح، فحالهُ كحال من سافر سفراً بعيداً فاستعدَّ لسفره بالزاد والراحلة ثمّ نظر في متاعه إلى تلك الصرَّة التي واراها عن غيره و أحكم لها إيثاقاً فسرّه ُما رأى واطمأنت نفسه للنجاة وبلوغ المنزل .. فكلّما هجمَ على قلبهِ خاطر الفقر والحاجة، عاود النَّظر إليها فوجدها على أحسن حال ٍكما هي لم ينقص منها شيء، فأغراهُ ذلك المنظر بمواصلة السير والثقة في الوصول! وما حال هذا أو ذاك إلا كحالِ سائرٍ قد جمع صفراً فظنّهُ ذهباً أو من رأى جبلاً عظيماً، فاستحال هباءً!! وهذه حال كلّ من كانَ كحاله ِأو مثلهِ في السير، يركن إلى عقلٍ أو علمٍ أو فهمٍ أو عملٍ أو حالٍ أو رزقٍ وكلّها في يدهِ عوار ...